recent
أخبار ساخنة

تراجع التحاق الطلبة بالجامعات في غزة.. ما الأسباب؟

الصفحة الرئيسية


الرسالة نت- محمود هنية

"أمل ومحمد" شقيقان أتمّا سوياً الثانوية العامة بنجاح، غير أن الظروف الاقتصادية أجبرت والدهما على تسجيل أمل ببرنامج الدبلوم لحصولها على معدل 83%، وإلحاق محمد الحاصل على معدل 75% بكلية حكومية للعلوم التطبيقية ليدرس تصليح السيارات، بدلاً من دراسة التمريض كما كان يرغب تيمنًا بخاله الممرض.
ومثلهما كانت الطالبة "عفاف" التي تخرجت بمعدل 80%، حيث ذهب والدها إلى إحدى الجامعات يتوسل لقبولها في الجامعة بدون رسوم، وهو "أمر مستحيل" كما رد عليه الباحث الاجتماعي، فعاد بخفي حنين ودموعه تسبقه.
والد "عفاف" الذي اضطر لمصارحة ابنته باستحالة دراستها في الجامعة، ودعاها لتعلم تصفيف الشعر لدى "كوافير" بالقرب من منزلهم، و"هو خيار كاف لتحطيم آمالها"، كما تقول.
عديد الحالات في قطاع غزة المحاصر، أطاحت الظروف الاقتصادية المعقدة، بأحلامها وألقت بها في قارعة الطريق.
التعليم: تسجيل انخفاض في الالتحاق بالتعليم العالي خلال السنوات الماضية
وتصدرت الدوافع الاقتصادية والسياسية المعقدة في غزة، كأبرز العوامل التي أرغمت الطلبة على إشاحة وجوههم عن التعليم الأكاديمي، حيث يعزف كثير من طلبة قطاع غزة عن الالتحاق بالجامعات الفلسطينية، لهذا العام، وفق ما حصلت عليه "الرسالة" من أرقام فارقة، تبيّن تراجع أولوية التعليم الجامعي بالنسبة للطلبة.
واختار معد التحقيق عينة من الجامعات في القطاع، هي: (الجامعة الإسلامية - الأزهر-الأقصى)، ومن بين الكليات التطبيقية: (الكلية الجامعية-كلية الأزهر للدراسات المتوسطة).
وبينما لم تنته وزارة التربية والتعليم من إحصاء عدد الطلبة الجدد المسجلين في مؤسسات التعليم العالي للعام الدراسي2016/2017م؛ بسبب استمرار فتح باب التسجيل حتى منتصف شهر سبتمبر الجاري، إلّا أن المؤشرات الأولية التي حصلت عليها "الرسالة" من أقسام القبول والتسجيل في الجامعات والكليات عينة التحقيق، تبين وجود ضعف في الإقبال على التسجيل في التخصصات الأكاديمية بجامعات غزة.
وبالرجوع إلى احصائيات وزارة التربية والتعليم في غزة، للمقارنة بين الأعوام الثلاثة الأخيرة، تبيّن وجود تراجع سنوي عن الذي يسبقه، إذ تشير الاحصائيات أنه في العام الدراسي 2013/2014م بلغ عدد الطلبة المسجلين (94756) بينهم (51507 طالبة - 43249 طالبًا)، أمّا في العام الدراسي 2015/2016م فبلغ عدد الطلبة المسجلين في الجامعات الفلسطينية (92482)، بينهم (50436 طالبة و42498 طالبًا).
وتبيّن الإحصاءات وجوع تراجع في عدد المنتسبين من طلبة الثانوية العامة في الانضمام إلى التعليم الجامعي، بفارق وإن بدا طفيفًا إلّا أنه يمثل مجمل المسجلين في الجامعات، مع الجدير ذكره، أن عددا من هؤلاء المسجلين يضطر لتأجيل الدراسة أثناء عملية الدوام لعدة فصول بسبب العائق المالي.
"الإسلامية": انخفاض في حجز مقاعد الطلبة وتأجيل عملية الدفع
وتبيّن الإحصاءات وجود فارق كبير بين عدد الطالبات الملتحقات في الدراسة الأكاديمية مقابل تراجع عدد الطلاب الملتحقين. وتظهر الاحصائيات في الجامعات الثلاثة الكبرى في غزة، وجود تراجع ما بين عام 2015 و2013م، فالجامعة الإسلامية سجلت في العالم م2013، عدد الطلبة 19247 (7609 طلاب - 11638 طالبة)، أمّا في عام 2015/2016م، فكانت نسبة التسجيل 19184 من عدد الطلبة، بواقع (7808 طلاب - 11376 طالبة).
وفي جامعة الأزهر تظهر الإحصاءات أن عدد الطلبة المسجلين في عام 2013م، 12729 موزعين على (5812 طالبًا - 6917 طالبة). وفي عام 2015/2016م، سجل عدد الطلبة 12669، موزعين على (5790 طالبًا - 6879 طالبة).
وكانت جامعة الأقصى في ذات القياس، قبل العام الدراسي الحالي، الذي تتحدث عنه مصادر بوجود تراجع كبير في عدد المسجلين بسبب الضغوط السياسية، لكنها سجلت في عام 2013م، تسجيل 21317 طالب وطالبة، من بينهم (6254 طالبًا-15063 طالبة).
بينما سجل في الجامعة عام 2015/2016م، 21144 طالب وطالبة، موزعين على (5247 طالبًا - 6897 طالبة).
ولم يختلف الوضع كثيرًا في الدراسات التطبيقية التي شهدت هي الأخرى تراجعاً في معدلات التسجيل بين العامين (2013-2015)، فالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزة، سجلت في عام 2013م، 7199 من الطلبة، موزعين على (3801 طالب - 3398 طالبة)، وفي عام 2015 شهد انخفاضًا تمثل في 6167 من الطلاب موزعين على (3312 طالبًا - 2855 طالبة).
مجلس طلبة الأزهر: انخفاض عدد الطلبة الملتحقين وبروز ظاهرة "تأجيل" الدراسة
وكذلك الحال في كلية الأزهر للدراسات المتوسطة، والتي سجلت تراجعًا في عملية التسجيل بين العامين 2013/2015، إذ كان عدد المسجلين في العام 2013م، من الطلبة 2563، موزعين على (1763 طالبًا - 800 طالبة)، بينما كان عدد المسجلين من الطلبة في عام 2015/2016م، 2425، موزعين على (1500 طالب - 925 طالبة).
وتقدر نسبة التراجع بين العامين 2013/2014 - 2015/2016 من 8-10% تقريبا، وفي بعض الكليات كان التراجع أكبر بفعل الظرف السياسي المتعلق بشأنها.
 التراجع عن التسجيل
وقد يكون تراجع الطلبة عن التسجيل في بعض التخصصات مبرَرا، إذا ما علمنا أن سوق العمل وصل مرحلة "التشبّع" في المهن والتخصصات، خاصة في ظل بيان نقابة أطباء الأسنان في قطاع غزة، الذي أصدرته قبل ثلاثة أعوام، وحثت فيه الراغبين بدراسة طب الأسنان، على العدول عن ذلك؛ لكفاية السوق المحلي في هذا المجال. مثل ذلك، فعلت نقابة المهندسين في بيان أصدرته تحث خريجي الثانوية العامة على عدم دراسة تخصص الهندسة؛ نظرا لاكتفاء سوق العمل، وطالبت المؤسسات التعليمية برفع معدلات القبول له.
ويسري ذلك على العديد من التخصصات التعليمية، التي ربما لو أُجريت دراسة على واقعها ومدى حاجة سوق العمل لها، لطالبت النقابات بإغلاقها.
تنازل ملحوظ
وزارة التعليم العالي، أكدّت أن هناك تنازلًا ملحوظًا في أعداد الملتحقين في الجامعات الفلسطينية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.
"الأقصى": ضغوط الوزارة برام الله السياسية أثرت على التحاق الطلبة بالجامعة
وعزا الوكيل المساعد لشئون التعليم العالي بالوزارة أيمن اليازوري الأسباب للظروف الاقتصادية الصعبة في البلد، ونقص مستوى دخل الفرد في غزة، الذي أثر سلباً في التحاق الطلبة بالتعليم الأكاديمي، خاصة وأن 48% من سكان القطاع يعانون من البطالة ودون خط الفقر.
وأضاف أن من بين الأسباب غياب منظومة منح وطنية حقيقية في غزة، خاصة بعد امتناع حكومة التوافق عن تقديم منح للطلبة الأوائل من الثانوية العامة، مرجعًا السبب لكون اقتصاد السلطة قائم على المعونات والمساعدات الدولية الموجهة نحو أهداف معينة.
وأكدّ أن جميع المنح الداخلية والخارجية التي تقدم للطلبة في الجامعات الفلسطينية، لا تغطي أكثر من 15% من طلبة الثانوية العامة الناجحين، مشيرا إلى أن المنح التي كانت تقدمها الحكومة تغطي 2% فقط من طلبة الثانوية العامة الذين يصل عددهم لـ 22 ألف طالب وطالبة.
ولفت إلى أن الوزارة بغزة خاطبت الجامعات الرئيسية في غزة، وتمكنت من الحصول على 350 منحة ستعلن عن نتائجها قريبًا، وقدمت للطلبة الذين يزيد معدلهم عن 90%، منوها بأن عددًا من المنح التي تقدم تفرض شروطًا معقدة على الطالب في بعض الأحيان.
وأشار إلى أن المنح الدولية التي تقدم لطلبة غزة تقدر بالعشرات، وهي في أحسن أحوالها لا تغطي ما نسبته 2% من المتفوقين بالثانوية العامة، مؤكدًا أن غالبية الجامعات بغزة تعاني من أزمات مالية وسياسية تحول دون قدرتها على تقديم المزيد من المنح للطلبة. ووفقًا لليازوري، فإن 17 ألف طالب يحق لهم الالتحاق ببرنامج البكالوريوس تقريبًا لهذا العام.
وتشير دراسة أعدها مركز الإحصاء الفلسطيني إلى أن مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية تخرج سنوياً حوالي 30 ألف طالب، وأن عدد المتقدمين لامتحان الثانوية العامة في العام الدراسي بلغ هذا العام حوالي 87 ألف طالب وطالبة.
التشريعي: لا يوجد آلية موحدة للرقابة على توزيع المنح
ومن الجدير ذكره أن الحدود الجغرافية للتحقيق اقتصرت على قطاع غزة الذي يعيش فيه قرابة 1.8 مليون نسمة، ويوجد فيه 29 مؤسسة تعليم عال، وفق أحمد زعرب نائب رئيس هيئة الاعتماد والجودة في وزارة التربية والتعليم العالي بغزة.
وتنقسم المؤسسات الجامعية بين 8 جامعات تقليدية، و8 كليات جامعية (أربع حكومية، واثنتين خاصتين، وواحدة عامة)، و10 كليات مجتمع متوسطة (واحدة حكومية، وواحدة عامة، وست خاصة، واثنتين بإشراف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين-أونروا)، إضافة إلى كليتي بوليتكنك، وأكاديمية دراسات عليا واحدة (خاصة).
اغراءات مادية
وسعت مؤسسات التعليم العالي، لتخفيض مفاتيح القبول لكثير من التخصصات للعام الدراسي 2016/2017م؛ لاستقطاب الطالب الذي ينتظر مثل هذه الفرص؛ من أجل دراسة تخصص لم يكن معدله في الثانوية العامة يسمح له بذلك، غير أن ذلك لم يكن كافيا لإغراء الطلبة على الالتحاق بها، بسبب غياب المنح والمقدرة الاقتصادية لدى الطلبة.
الدكتور سفيان تايه عميد القبول والتسجيل في الجامعة الإسلامية، رأى أن نسبة التحاق الطلبة بالتعليم الأكاديمي لم تتغير كثيرًا، مقراً بوجود تأخير في عملية حجز المقاعد في الجامعة تستمر لأسبوعين بعد عملية الدراسة.
الشؤون الاجتماعية: تدني سقف مستوى المنح المقدم لطلبة الشؤون الاجتماعية
وقال تايه إن الجامعة سمحت للطلبة بدفع 60% من رسوم الفصل، وتقسيط البقية بدون تحديد موعد أو نسبة، مشيرا إلى أن منح الجامعة تغطي 40% من الطلبة، رغم وجود تراجع في قيمة المنحة المقدمة خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لظروف الحصار وما نجم عنها.
وأكدّ أن المساعدات لم تعد متوفرة بشكل عام كما كانت عليه في السنوات السابقة، وهناك توقف لبعضها من الجهات المانحة، "وتم التغلب على ذلك بتقليص النسبة المقدمة في المنحة".
ولم تختلف الحال في جامعة الأزهر، فبحسب رئيس مجلس الطلبة في الكليات المتوسطة بالجامعة مهدي حلس، فقد سُجل انخفاضٌ في نسبة الملتحقين بالتعليم الأكاديمي في الجامعة، تبعاً للظروف الاقتصادية في غزة، مشيراً إلى أن النسب تزداد فصلاً عن الذي يسبقه.
وأشار حلس في حديثه لـ "الرسالة"، إلى ظاهرة تأجيل الفصول الدراسية لدى الطلبة المسجلين أصلاً في الجامعات، نظرًا لارتفاع أسعار رسوم الساعة الدراسية وإصرار الجامعة على حصول ثمن الفصل الدراسي بالكامل.
وقال حلس إن الجامعة أصرت في بعض الأوقات الحصول على أكبر قدر ممكن من رسوم الساعات الدراسية، لولا الإضرابات الطلابية التي حالت دون استمرارها في قرارها. وأضاف أن غالبية كبيرة من الطلبة تلجأ لخيار التأجيل "كونها لا تملك ثمن المواصلات، فضلا عن دفع ثمن الرسوم الجامعية".
ضغوط سياسية
جامعة الأقصى كانت الأقل نسبة في قبول الطلبة لهذا العام، نظرًا للضغوط السياسية التي مارستها حكومة التوافق ضدها، تمثلت في ضغوط وتهديد وزارة التعليم في رام الله بسحب اعترافات الجامعة لهذا العام.
حكومة التوافق أمتنعت عن تقديم منح المتفوقين
وبدأت أزمة الجامعة نهاية العام 2015، وشهدت خمس محطات مهمة، أولها في شهر ديسمبر الماضي حينما أصدر وزير التربية والتعليم قرار بأنه لا يجوز لمؤسسات التعليم العالي الحكومية أن يكون لها أرصدة بنكية، وبموجب القرار صادر كل الأموال، لكنه أبلغ الجامعات الأخرى في الضفة بأن ما أخذ من البنوك سيتم رصد موازنات للجامعات بدلاً عنه، وفق أيمن اليازوري الوكيل المساعد لشئون التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة
وقال اليازوري لـ"الرسالة"، إنه تم رصد بعض العاملين في "القبول والتسجيل" يرفضون تسجيل الطلبة، ويروجون أن الجامعة غير معترف بها، معلقاً على ذلك بالقول: "هؤلاء أصبحوا عبيداً للراتب وغير مؤتمنين على الطلبة".
ورغم تراجع الطلبة عن التسجيل في الأقصى للظروف السياسية، إلا أن ذلك لم يدفعهم للالتحاق بالجامعات التي تتمسك بالدفع الكامل للرسوم، وفق ما تحدث به اليازوري.
من ناحيته، أقر محمد رضوان القائم بأعمال رئيس جامعة الأقصى، بوجود تراجع في عملية التسجيل بالجامعة نتيجة تهديد وزارة التعليم في رام الله بسحب الاعتراف من الجامعة، وقال لـ "الرسالة": إن عملية التخويف كان لها أثر كبير على نسبة تسجيل الطلبة، التي كانت أقل بكثير مما هو متوقع".
ويوجد في الجامعة قرابة الـ 27 ألف طالب وطالبة بينهم 2000 في برنامج الدبلوم، بينما يكون معدل التسجيل في الجامعة فصليا من 3-4 آلاف طالب وطالبة، وفق مصادر من الجامعة.
ويؤكد اليازوري، أن المؤسسات التي استقطبت الطلبة، هي التي نجحت في الترويج لنفسها من خلال المنح التي قدمتها، أما تلك التي بقيت متمرسة خلف قرار دفع الرسوم كاملة، وجدت نفسها أمام إشكالية في استقطاب الطلبة.
أزمة طلبة الشؤون
وطالت الأزمة المالية الطلبة الفقراء في القطاع، والمسجلين ضمن الشؤون الاجتماعية، ومستوى دخلهم دون خط الفقر، وفق اعتماد الطرشاوي مدير عام التنمية والتخطيط بوزارة الشؤون الاجتماعية.
وتقول الطرشاوي لـ"الرسالة": إن سقف مستوى المنح التي تقدم لطلبة الشؤون انخفض في السنوات الأخيرة، فباستثناء جامعة الأقصى التي تضع منحة 70% لهؤلاء الطلبة كونها جامعة حكومية، تقدم لهم الجامعات الأخرى ما بين 30% إلى 40% في أحسن الأحوال".
وتشير إلى وجود ارتفاع سنوي في عدد المستفيدين من الشؤون الاجتماعية، ما يزيد من تعقيد المسألة، لافتة إلى أن تهديد الوزارة برام الله بسحب الاعتراف من الأقصى زاد من حجم التعقيد والصعوبات أمام طلبة الشؤون الملتحقين فيها.
تأثير ضعف الموازنات
وأمام ما سبق، تعزو النائب في المجلس التشريعي هدى نعيم، تراجع دعم الطلبة في المنح الدراسية، لعدم وجود قانون ينظم التعليم الجامعي، والمنح الدراسية المقدمة فيه، وقالت إنه تم التقدم لتدشين صندوق لدعم الطالب، ولكن توقف الأمر عند حدوث الانقسام، بسبب ضعف الموازنات المالية لدى الحكومة.
وقالت نعيم لـ"الرسالة"، إن قضية تقديم المنح، تركت للمؤسسات الخيرية المانحة، دون وجود آلية موحدة وشاملة للجامعات الفلسطينية، للرقابة على أداء المؤسسات العاملة في مجال دعم الطلاب أو صناديق دعم الطالب، خاصة في المؤسسات الجامعية الأهلية.
بطالة الخريجين من أبرز أسباب تراجع الطلبة الجدد عن التسجيل في الجامعات
وأشارت إلى أن هذه المؤسسات، لا تخضع لرقابة مباشرة من الحكومة، ما يعني من الصعوبة تحديد مدى قدرتها على استيعاب المنح للطلبة.
تداعيات اجتماعية ونفسية
وتنعكس عملية تراجع المسجلين في الجامعات الفلسطينية، سلبًا على الأوضاع النفسية للشبان خاصة في ظل عدم قدرة سوق العمل على استيعابهم وانتشار البطالة في قطاع غزة، خاصة وأن ما يزيد عن 150 ألف خريج جامعي عاطل عن العمل، الأمر الذي يشير لزيادة العدد في وقتنا الحاضر، أما عن نسبة البطالة في غزة قرابة 41.5% وفق ما ذكره مركز الإحصاء الفلسطيني في بيان نشره سابقًا، في حين أن نسبة البطالة في الضفة الغربية بلغت 15.4% بحسب احصائيات رسمية.
وبلغ عدد الخريجين في العام الدراسي2015/م2016 في جامعات غزة، 9454 خريجا من الذكور، و9371 خريجة من الإناث، وفق بيانات حصلت عليها "الرسالة" من وزارة التربية والتعليم العالي في غزة.
إضافة إلى ذلك، فإن تلك الزيادة تثير جانباً آخر وهو ارتفاع معدل البطالة في صفوف الخريجين، حيث وصلت نسبة البطالة في غزة قرابة 46.5% وفق ما ذكره مركز الإحصاء الفلسطيني في بيان عبر موقعه الالكتروني، في حين أن نسبة البطالة في الضفة الغربية بلغت 15.4%!.
ويؤكد ماهر الطباع المختص في الشأن الاقتصادي، أن تراجع الإقبال على الالتحاق بالجامعات، ناجم عن الوضع الاقتصادي الصعب، وتداعيات الانقسام السياسي على واقع الجامعات الفلسطينية، والتي تحرم بعضها من المعونات المالية، ما يوجد عجزًا ماديًا لديها في توفير المنح.
وأكدّ أن غياب منظومة المنح أوجد تشتتًا في دعم الطلبة، مشيرا إلى ضرورة تحييد العملية التربوية عن المناكفات السياسية، موضحاً أن 41% من الشباب (15-29) سنة نشيطون اقتصاديا في فلسطين، بواقع 40% في الضفة الغربية و42% في قطاع غزة".
وأشار إلى أن 80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
ويعاني سكان قطاع غزة (1.9 مليون نسمة) أوضاعاً اقتصادية صعبة للغاية بسبب الحصار الاسرائيلي المفروض منذ عشر سنوات، حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل أكثر من 200 ألف شخص.
انحرافات خطيرة
من جهته، يحذر جميل الطهراوي الخبير في مجال الصحة النفسية، من انعكاس تراجع معدلات تسجيل الطلبة في الجامعات على الواقع الفلسطيني، الذي يتباهى بالعملية التربوية. وقال الطهراوي لـ"الرسالة"، سجلت انحرافات خطيرة في سلوك عديد الشبان، بسبب غياب أفق العمل، عدا أن كثيرا من العوائل عزفت عن تسجيل أبناءها للجامعات، في ظل تدهور الواقع المعيشي وعدم وجود فرص عمل.
وتقرع معطيات التحقيق ناقوس الخطر على مستقبل التعليم الجامعي في القطاع، الأمر الذي يوجب تكاتف مكونات المجتمع الفلسطيني لإنقاذ مستقبل الطلبة والمؤسسات التعليمية على حد سواء، وذلك عبر فتح آفاق المستقبل أمامهم من خلال خلق فرص عمل تستوعب الخريجين في مختلف المجالات، وتمهد الطريق أمام إقبال الطلبة على الجامعات وترسخ قناعتهم بضرورة اكمال دراستهم الجامعية، فضلاً عن ضرورة إبعاد المؤسسات التعليمية عن المناكفات السياسية والحزبية، والكف عن إقصاء غزة عن دائرة اهتمام حكومة التوافق، ودون ذلك يبقى رصيد الفلسطيني في البناء والتعليم مهددًا أمام الوقائع التي تداهمه وخطورة الظرف الاقتصادي والسياسي في القطاع.
google-playkhamsatmostaqltradent